لئن كان من المعروف ان الماء يندلق منساباً من أعلى الى اسفل، فإن علماء
بريطانيين تمكنوا من ان يجعلوه ينطلق مرتفعاً من ادنى الى أعلى فوق سطح
شاهق الارتفاع وشديد الانحدار والميلان. ويكمن سر نجاحهم في فكرة بسيطة
تتمثل في مجرد خلخلة السطح الذي كانت قطرات الماء موجودة عليه، وكان السطح
المستخدم في التجربة عبارة عن لوح بلاستيكي.
عندما يتم وضع اللوح مائلاً على شكل زاوية وتكون الذبذبات بالقدر اللازم
من قوة التردد وشدة الاهتزاز يصبح بمقدور قطرات الماء مقاومة الجاذبية
والصمود امامها ومن ثم الصعود الى أعلى بميلان يصل الى 85درجة.
وأفاد الباحث جنز ايجرز بأن من المحتمل ان السر يكمن في الطريقة التي تؤدي
بها الذبذبات الى تغيير شكل القطرات والقوى المؤثرة فيها. واردف
البروفيسور جنز الذي يعمل في مجال تدريس الرياضيات التطبيقية فقال: "إن
هذا أمر جديد تماماً ولم يحدث من قبل البتة ومازلنا غير متأكدين مما يحدث
على وجه الدقة والضبط. فقطرة الماء تنضغط كلما ارتفع اللوح المهتز الى
أعلى بينما تقفز القطرة الى أعلى عندما ينخفض اللوح الى اسفل".
وأردف يقول: "اذا كان الاهتزاز قوياً بالقدر الكافي للتغلب على شد السطح
الذي يحدث اثناء انضغاط القطرة فإن القطرة سوف تنزع الى الميلان الى
الامام فينتج عن ذلك صافي قوة يدفع القطرة الى أعلى". ولكي تتمكن قطرة
الماء من مقاومة مختلف القوى المؤثرة عليها يتوجب ان تكون اسمك بقليل من
قوام الماء. أما القطرات المكونة من الماء فقط فهي سوف تنفصل عن بعضها
البعض قبل ان تبدأ في الصعود الى أعلى في حين ان السوائل ذت القوام الكثيف
جداً سوف تتحرك ببطء شديد.
وقد اكتشف الباحثون من جامعة بريستول هذه الظاهرة بمحض الصدفة اثناء
التحقيق في خصائص طحين القمح. وتشتمل السوائل الاخرى التي تنطبق عليها هذه
الظاهرة على العصير الذي يضم مزيج الجليسرول والماء. وأما الاستخدامات
التطبيقية لهذا الاكتشاف فهي تشمل ابحاث الوراثة التي كثيراً ما تنطوي على
معالجة القطرات المجهرية متناهية الصغر للحمض النووي (البصمة الوراثية).
ففي هذا الخصوص تحدث الباحث الدكتور فيليب برونيت قائلاً: "ان تحريك
القطيرات الصغيرة من قبيل آلاف النقاط من الحمض النووي الموضوعة بالترتيب
على سطح صلب يعد أمراً بالغ الصعوبة لأن صغر حجمها يؤدي الى التصاقها
بالسطح. وبالتالي فإن توسيع مداركنا وتحسين ادراكنا بأسباب تحريك القطرات
الصغيرة على السطح من شأنه ان يساعدنا في حل هذه المشكلة وما شابهها من
مشاكل". ويمكن لهذا البحث الذي تنشره مجلة "فيزيكال ريفيو لترز" ان يساعد
الشرطة في تحرياتها وتحقيقاتها بما يفضي الى الاستفادة من معطيات الطب
العدلي في هذا الخصوص.