مناظرة بين الامام الصادق(ع) والطبيب الهندي

مناظرة بين الإمام الصادق (ع) والطبيب الهندي:

عن محمد بن ابراهيم الطالقاني عن عباد بن صهيب عن ابيه عن جده عن الربيع صاحب المنصور قال : حضر ابو عبد الله جعفر الصادق (ع) مجلس المنصور يوما وعنده رجلا من الهند يقرأ عليه كتب الطب , فجعل ابو عبد الله (ع) ينصت لقرأته فلما فرغ الهندي قال يا ابا عبد الله , اتريد مما معي شيئا؟ قال لا فان معي ما هو خير مما معك قال وما هو ؟ قال (ع) اداوي الحار بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب وارد الامر كله الى الله عزوجل واستعمل ما قاله رسول الله (ص) واعلم ان المعدة بيت الداء وان الحمية راس كل دواء واعود البدن ما اعتاده , فقال الهندي : وهل الطب الا في هذا . فقال الصادق اتراني من كتب الطب اخذت .قال نعم . قال لا والله ما اخذت الا عن الله سبحانه,فاخبرني أأنا اعلم بالطب ام انت ؟قال الهندي بل انا , قال الصادق(ع) فاسالك شيئا . قال الهندي سل:

قال الصادق (ع) اخبرني يا هندي لم كان في الراس شؤن؟قال : لا اعلم

فلم جعل الشعر عليه من فوق ؟ قال: لا اعلم

فلم خلت الجبهة من الشعر ؟قال لا اعلم

قال(ع) فلم كان لها تخطيط وأسارير؟ قال لا اعلم

فلم كان الحاجبان فوق العينين .؟ قال لا اعلم

فلم جعلت العينان كاللوزتين ؟قال لا اعلم

فلم جعل الانف فيما بينهما ؟ قال لا اعلم

فلم كان ثقب الانف في اسفله؟ قال لا اعلم

فلم جعلت الشفة والشارب فوق الفم ؟ قال لا اعلم

فلم احد السن وعرض الضرس وطال الناب ؟ قال لا اعلم

فلم جعلت اللحية للرجال ؟ قال لا اعلم

فلم خلت الكفان من الشعر؟ قال لا اعلم

فلم خلا الظفر والشعر من الحياة؟ قال لا اعلم

فلم كان القلب كحب الصنوبر؟ قال لا اعلم

فلك كانت الرئة قطعتين وجعلت حركتهما في موضعهما؟ قال لا اعلم

فلم كانت الكبد حدباء؟ قال لا اعلم

فلم كانت الكلية كحب اللوبيا؟ قال لا اعلم

فلم جعل طي الركبة الى الخلف؟ قال لا اعلم

فلم انخصرت القدم؟ قال لا اعلم

قال الصادق(ع) لكني اعلم. قال الهندي فاجب

قال الصادق(ع):كان في الراس شؤن لان المجوف اذا كان بلا فاصل اسرع اليه الصداع فاذا جعل ذا فصول كان الصداع منه ابعد . وجعل الشعر فوقه ليوصل بوصوله الادهان الى الدماغ ويخرج باطرافه البخار منه ويرد الحر والبرد عنه . وخلت الجبهة من الشعر لانها مصب النور الى العينين . وجعل فيها التخطيط والاسارير ليحتبس العرق الوارد من الراس الى العين قدر ما يميطه الانسان عن نفسه كالانهار في الارض التي تحبس المياه . وجعل الحاجبان من الفوق العينين ليردا عليهما من النور قدر الكفاية . الا ترى يا هندي من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما كفايتهما منه . وجعل الانف بينهما ليقسم النور قسمين الى كل عين سواء . وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت مربعة او مدورة ما جرى فيها الميل ولا وصل اليها دواء ولا خرج منها داء . وجعل ثقب الانف في اسفله لتنزل منه الادواء المنحدرة من الدماغ وتصعد فيه الروائح الى المشام ولو كان في اعلاه لما نزل منه داء ولا وجد رائحة . وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لام لا يتعفن فينغص على الانسان وطعامه وشرابه فيميطه عن نفسه . وجعل السن حاداً لان به يقع العض وجعل الضرس عريضا لانه به يقع الطحن والمضغ وكان الناب طويلا ليسند الاضراس والاسنان كالاسطوانة في البناء . وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الانثى . وخلا الكفان من الشعر لان بهما يقع اللمس فلو كان فيهما شعر ما درى الانسان ما يقابله ويلمسه . وخلا الشعر والظفر من الحياة لان طولهما يسبب القبح وقصهما حسن فلو كان فيهما حياة لالم الانسان قصهما . وكان القلب كحب الصنوبر لانه منكس فجعل راسه دقيقا ليدخل في الرئة فيتروح عنها ويبردها ولئلا يشيط الدماغ بحره . وجعلت الرئة قطعتين ليدخل القلب بين مضاغطها فيتروح بحركتها . وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة وتقع المعدة جميعها عليها فتعصرها ليخرج ما فيها من البخار . وجعلت الكلية كحب اللوبيا لان عليها مصب المني نقطة بعد نقطة فلو كانت مربعة او مدورة لاحتبست النقطة الاولى الى الثانية فلا يلتذ بخروجها اذ المني ينزل من فقار الظهر الى الكلية وهي تنقبض وتنبسط وترميه اولا فاولا الى المثانة كالبندقة من القوس . وجعل طي الركبة الى الخلف لان الانسان يمشي الى ما بين يديه فتعتدل الحركات ولولا ذلك لسقط في المشي . وجعلت القدم متخصرة لان المشي اذا وقع على الارض جميعه ثقل ثقل حجر الرحى .

فقال الهندي : من اين لك هذا العلم ؟

فقال (ع): اخذته عن آبائي عليهم السلام عن رسول الله (ص) عن جبرائيل (ع) عن رب العالمين جل جلاله الذي خلق الاجساد والارواح

فقال الهندي : صدقت وانا اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله عبده وانك اعلم اهل زمانك .